أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

حفل افطار جمعية المبرات الخيرية في بنت جبيل

أقامت جمعية المبرات الخيرية حفل إفطار، في ثانوية الاشراق في مدينة بنت جبيل، في حضور رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات ووجوه اقتصادية واجتماعية وحزبية وتربوية وعسكرية ودينية.

بعد كلمة المبرات التي ألقاها مدير العلاقات في الجنوب الحاج علي حسين، ألقى رئيس جمعية المبرات الخيرية العلامة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها: "نلتقي أيها الأحبة، أيها الأعزاء، تحت عنوان الخير؛ هذه القيمة التي أحبها سماحة السيد، وجعلها عنوانا لكل حياته، هذه الحياة التي لم يرد فيها إلا الخير للإنسان، لكل الإنسان، بعيدا عن هويته وطائفته وقوميته ومذهبه ودينه. الخير في فكره الذي أطلقه حركة في الحياة، والخير في وعيه الذي أرسله فكرا صافيا للأجيال، والخير في قلبه الذي كان وعاء لحب الناس، بحيث لم يعرف حقدا على أحد، ولا بغضاء لأحد، أحب كل الناس الذين التقى معهم، فعمق العلاقة بهم، وأحب الذين اختلف معهم، عندما مد لهم جسور التواصل ودعاهم إلى الحوار". أضاف: "ولذلك، أحب سماحته أن يغرس هذا العنوان، عنوان الخير، في البلد الذي أحب، من خلال إطلاقه كلمة الخير على المشروع الذي أراد له أن يبنى في هذه المنطقة التي أحب، وفي هذا المكان، لتكون هذه المؤسسة إشراقة خير في الحياة". فالحياة، أيها الأحبة، لم يكن سماحة السيد يراها جميلة إلا عندما يشرق فيها الخير في العقول، وتتدفق ينابيع الخير فيها من القلوب، وتتحرك سواقيها في كل مفردات الحياة"، مؤكدا ان لا معنى لحياة جافة، لأنها حياة الأنانيين المنغلقين المتعصبين، الذين ينكمشون على ذواتهم، وينعزلون في كهوفها ومغاورها، بعيدا عن الفضاء الواسع الذي ينبغي أن يمتد في الحياة الواسعة".

وتابع: "لذلك، كانت هذه الصفة هي عنوان علاقة الله مع خلقه، فهو الخير المطلق الذي يعطي بلا حساب ولا منة، وهي كانت دائما دعوة الأنبياء والرسل الذين أخلصوا للناس، وسعوا لبناء حاضرهم ومستقبلهم، وهي عنوان الوصول إلى حب الله: "الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله"، "ومن أدخل على أهل بيت سرورا، ومشى في حاجة أخيه..". ولذا أراد الله سبحانه لهذا الشهر، الذي هو شهره، أن يكون شهر الإحساس بآلام الفقراء والأيتام والمعوقين والمظلومين والمقهورين وكل الذين يعانون أسرا واحتلالا. ولذلك كان الدعاء الذي نردده في كل يوم: "اللهم أدخل على أهل القبور السرور، اللهم أغن كل فقير، اللهم أشبع كل جائع، اللهم اكس كل عريان، اللهم اقض دين كل مدين، اللهم فرج عن كل مكروب، اللهم رد كل غريب، اللهم فك كل أسير، اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين، اللهم اشف كل مريض، اللهم سد فقرنا بغناك، اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك".

وقال: "فالله أراد للانسان الذي يتربى تحت عينه في هذا الشهر، أن تشرق الإنسانية في داخله، لتنطلق في إنسانية الآخر رسائل ود ومحبة، يدخل من خلالها البسمة إلى قلوب الناس، والأمل إلى حياتهم، فيعيش معهم آلامهم وآمالهم وطموحاتهم. فأي سعادة أكبر من أن تكون في قلوب الآخرين وحياتهم، وأن تكون سببا في توفير الخير للناس؟!

أضاف: "أيها الأحبة.. إن من الاعتزاز الكبير بكم، هذا اللقاء، لأنكم قدمتم من أجل الإنسان العزيز الكريم، من أجل الإنسان القوي، الإنسان الذي تضج فيه الحياة، ويرفض أن يستسلم أو أن تموت فيه العزيمة، نلتقي من أجل أن نبني مجتمعا يشعر فيه الإنسان بالاعتزاز بانتمائه إلى البلد الذي يحترم إنسانيته، ولا سيما عندما يكون اللقاء في رحاب هذه المدينة، مدينة بنت جبيل _ عيناتا، وكل هذا المحيط الطيب، من القرى والبلدات المحيطة، الحاضنة لكبار العلماء والتي كانت منطلقا لهم، وأرض الجهاد وقلعة الأحرار، والشوكة الدائمة في عين العدو، المدينة الرمز التي أصبحت مع أخواتها عنوانا للعزة في الوطن الصغير والأمة الكبيرة، على مدى تاريخها، ولا سيما في عام 2006".

وتابع: "من باب بنت جبيل ندخل مجددا لنتذكر السيد رضوان الله عليه، الذي أحب هذه البلدة كما أحب عيناتا وكل المنطقة، وكان حريصا على أن يكون مع الجميع في كل الظروف الصعبة، وأذكر أنه كان بعد كل اجتياح وعدوان تتعرض له، كان أول من يفد إليها، لأنها كانت عزيزة على قلبه، ومحط هوى فؤاده، كما كان حاضرا في كل ميادين الفقه والفكر والأدب والحوار في رحابها. وبدورها، كانت المدينة الوفية له في كل مسيرته الفقهية والتربوية والرعائية والجهادية، هذا الوفاء الذي تجسد في آخر لقاء لها مع سماحته في أعقاب الاندحار الصهيوني من الجنوب، وبداية مسيرة التحرير في عام 2000، وفي كل اللقاءات التي عبر فيها أهل هذه المدينة والمنطقة عن عمق الوفاء ولا يزالون، ولا أشك في أنها ستبقى مع كل البلدات والقرى المحيطة، بل كل الجنوب الطيب، من أهل الحب والوفاء للراحل الكبير، الذي لم يحمل في قلبه لكل الناس الطيبين، إلا الحب والود والوفاء".

وقال: "أيها الأحبة، لقد كنتم في عقل وقلب سماحة السيد، الذي تواصل معكم في مسيرته الروحية، وحركته المسجدية والسياسية والثقافية، كما تواصل معكم من خلال هذه المؤسسات التي تمثل أمانة في أعناقنا جميعا، لأن الذي يبقى في حركية الأمة، هو هذه المؤسسات التي تعمل على مداواة جراح الأمة، كما تسعى للانطلاق بها إلى عالم التطور والتقدم والإبداع، وقد كان سماحته يوصي العاملين والمسؤولين عن هذه المؤسسات قائلا: لا نريد تحقيق النجاح فحسب، بل نريد التميز والإبداع، لأن رسالتنا للناس مميزة ومتميزة، ولأن الإسلام هو عنوان الإبداع في كل شيء".

وأكد فضل الله "ان المسؤولية كبيرة في أن نحمل هذه الأمانة، وأن لا نسقط أمام هذا الحمل الثقيل الذي يمثل مدرسة للأجيال القادمة، كما كان مدرسة لأجيالنا ولمن سبقونا، ولمن تربوا تحت منبر سماحته بشكل مباشر أو غير مباشر. ولأن المسؤولية كبيرة، فعلينا أن نعمل للوحدة على جميع المستويات، الوحدة الداخلية والوطنية والإسلامية، وأن نندفع بكل حيوية لنرفع كاهل الكسل عنا، ولنبدأ في مواجهة التحدي الذي ارتسم أمامنا على كل الصعد"، وقال: "ان الأعداء يخططون لاستباحة المنطقة بأساليب وطرق جديدة، باستخدام الفتنة المذهبية كسلاح أساسي يسهم في إشعال المزيد من الحرائق التي من شأنها مواكبة عوامل التفتيت التي تتحرك في أكثر من مكان، سواء في لبنان أو في المنطقة".

أضاف: "الجميع يتحدثون عن الحرب القادمة في المنطقة، وعن الاستعدادات المتواصلة للعدو في المناورات والتسليح والتهديد وما إلى ذلك، فهل ندفن رؤوسنا في الرمال، وهل نفعل كما كان البعض يفعل في السابق، ليؤكد أننا كلما أوحينا إلى العدو بالضعف والاستسلام، تراجع عن تهديدنا والاعتداء علينا؟!.إن المسألة تبدو ـ في هذه الحال ـ كالحمل الذي يستجدي الذئب لينجو من الافتراس، ولا نجاة للحملان الوادعة أمام غريزة الافتراس التي تحملها الذئاب الكاسرة".

وتابع: "إننا، وأمام كل هذه الرياح التي تهب على لبنان، والتي جعلته في عين العاصفة الدولية، وفي قلب لعبة الأمم، ندعو إلى تحصين الساحة بقرارات سياسية حاسمة، ترفض التعامل مع العناوين الدولية الساعية لاستثمار لبنان في لعبة المقايضة الإقليمية والدولية، وترفض استخدام عناوين العدالة الدولية لحسابات سياسية أمريكية وغربية وصهيونية".

وقال: "نعود إلى بنت جبيل وإلى محيطها، لنجدد الشعور بالمسؤولية التي عاشها سماحة السيد تجاه هذه البلدة والمنطقة، ونؤكد معا الاستمرار في بناء هذا المشروع ومتابعته، فهو حلم السيد، وكان يتابعه لحظة بلحظة، وقد ألزم نفسه القيام بكل المسؤوليات التي حملها على عاتقه أمام أمته، والتي كان واثقا من وفاء هذه الأمة لها. كل الشكر لكم أيها الأوفياء الطيبون المخلصون، وكل التقدير لعطاءاتكم، أنتم الأحبة الذين تعيشون في هذا البلد العزيز على قلب سماحة السيد، وسيبقى العزيز على قلوبنا جميعا. سيبقى السيد حاضرا في كل فرد منا، فكرا وجهادا ومؤسسات، وسيبقى خطاب سماحة السيد يتردد في وجداننا على مدى الأجيال: أيها الأحبة، أنتم الأعزة والأحبة، والسلام".

Script executed in 0.031469821929932