وقال ميقاتي، وفق ما نقل عنه وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق: «نحن كحكومة نتحمل المسؤولية، ومن واجبنا قول الأمور بشجاعة وجرأة، والسعي لإصلاح الخلل ومنع تكرار ما حصل». لكن ماذا يفيد الناس، الذين «تعاطف معهم ميقاتي في هذه الظروف العصيبة، وآلمه ما حصل»، إن تحملّت الحكومة «بشجاعة وجرأة»، مسؤولية غرق الناس، متأخرة؟
وقد اتصل ميقاتي بـ«جميع المعنيين وطلب إعطاء الأوامر، فوراً، لجميع الإدارات المعنية والمتعهدين لمعالجة الأوضاع».
وأشار الداعوق إلى أنّ وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، الذي لم يصدر عنه أي تصريح أمس، أبلغ ميقاتي أنّه أعطى الأوامر لجميع المتعهدين للأسراع في تنظيف مجاري المياه، وعدم انتظار نقل الاعتمادات الخاصة بذلك.
وقد نال النازحون السوريون حصتهم من السيول، خلال اليومين الماضيين، في وقت أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، مروان شربل أن وزارته قامت بواجباتها في ما يتعلق بالبلديات وقوى الأمن الداخلي والمديريات التابعة لها إزاء ما حصل جراء العاصفة، مشددا على «أن وظيفة قوى الأمن ليست فتح المجارير لذلك ليس مقبولاً إلقاء اللوم عليهم».
ودعا شربل الوزارات إلى تحمل مسؤولياتها، وتمنى عليها أن تتصرف كقوى الأمن والمديريات التابعة لوزارة الداخلية.
«ألكسا»
«الآتي أغزر» وليس ببعيد وفق المدير العام لـ«مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية» في تل عمارة الدكتور ميشال افرام، الذي يشير إلى تأثر لبنان بعاصفة ثلجية ستصل الى لبنان بدءاً من مساء الاثنين المقبل تحمل برودة حادة وثلوجاً قد تصل إلى حدود 800 متر مع غزارة أمطار.
يشرح افرام أن أول عاصفة ثلجية يتأثر بها لبنان هذه السنة المطرية تحمل اسم «الكسا»، وهي آتية عبر أوروبا الشرقية وبواسطة منخفض جوي قطبي المنشأ يسمى «جت ستريم».
ما شهده لبنان أمس الأول من فيضان، حذر منه افرام منذ أشهر، ولكن لم يعر أحد أي اهتمام بالموضوع، وفق افرام، الذي يشير إلى أن المصلحة ترسل يومياً رسائل نصية عدة عبر الهواتف الخلوية الى أكثر من 7000 هاتف خلوي في لبنان، عدا عن تعميم هذه النشرات التوجيهية على كامل وسائل الإعلام ومواقع الانترنت، والأهم أن هذه النشرات تصل إلى كل الوزارات المعنية.
وكان قد تحدث، قبل نهاية تشرين الثاني الماضي، لـ«السفير»، مذكراً بمنخفضات جوية قادمة بدءاً من أوائل الشهر الحالي، وأعاد التحذير آنذاك من عواصف ثلجية ومن غزارة الأمطار والسيول.
وتجاوزت أمس المتساقطات خلال الأربع والعشرين ساعة في بيروت 49 ملليمترا، وأصبح المجموع التراكمي 91 ملليمترا مقابل 237 ملليمترا للفترة نفسها من العام الماضي، ويبلغ المعدل العام التصاعدي لهذه الفترة 182 ملليمترا.
جبل لبنان، وتحديدا بلدة بيصور، احتل المرتبة الأولى في غزارة المتساقطات المطرية ليوم الأربعاء الماضي، إذ هطل ما يزيد عن 62 ملليمترا، ورفعت هذه الكميات المطرية المجموع التراكمي إلى 127 ملليمترا يقابله للفترة نفسها من العام الماضي 360 ملليمترا.
الأقل غزارة ما هطل في الجنوب، وذلك وفق أرقام المتساقطات المطرية في صور التي لم تتجاوز الأربع ملليمترات، ولم يبلغ المجموع التراكمي سوى سبع ملليمترات، يقابلها للفترة نفسها من العام الماضي 180 ملليمترا.
وفي الشمال بلغت المتساقطات المطرية في الساعات الأخيرة 14 ملليمترا مقابل 182 ملليمترا للمجموع المتراكم الذي يقابله للفترة نفسها من السنة الماضية 210 ملليمترات، أما المعدل العام التصاعدي لهذه الفترة فيبلغ 196 ملليمترا.
وفي زحلة كانت المتساقطات غزيرة، وبلغت 42 ملليمترا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وأصبح المجموع التراكمي 71 ملليمترا يقابله في الفترة نفسها من العام الماضي 186 ملليمترا، مقابل معدل عام تصاعدي للفترة نفسها يبلغ 118 ملليمترا.
ووفق افرام فإن متوسط المتساقطات المطرية في اليوم الواحد يتراوح ما بين 7 و10 ملليمترات، ولكن هذه الغزارة باتت عادية وليست مفاجئة لأحد، ويعود ذلك إلى التغيير المناخي الذي يتأثر به لبنان منذ سنوات.
نعمة ونقمة
في عكار («السفير») استكملت بلديات عكار ورش تنظيف مجاري المياه والأقنية في البلدات العكارية، وتحديدا في البلدات الساحلية، فعمدت إلى فتح الأقنية بهدف تصريف المياه ومنع تشكل البحيرات على الطريق الدولية التي تربط لبنان بسوريا.
وقامت بلديات ساحل القيطع بقطع قناة تصريف مياه البارد عن البلدة منعاً من تجمع المياه ودخولها إلى المنازل.
في مقابل ذلك أدت الرياح القوية إلى تساقط ثمار الليمون والحمضيات على الأرض، وناشد المزارعون الدولة العمل على إيجاد أسواق لتصريف الإنتاج، لافتين إلى «أنهم لم يتمكنوا لغاية اليوم من تصريف إنتاجهم الذي يصفونه بالممتاز من حيث الكمية والنوعية، والمتروك في الأشجار تحت رحمة العواصف والأمطار».
وغطت الثلوج لأول مرة هذا العام مرتفعات جبل الأربعين في الضنية («السفير») على ارتفاع 1200 متر، في وقت أدت فيه الأمطار الغزيرة إلى حصول انهيارات في التربة على الطرق الرئيسية.
وارتدت المرتفعات الجبلية في راشيا («السفير») الواقعة على علو 1700 متر وما فوق، حلة بيضاء تجاوزت سماكتها ثمانية سنتمترات لأول مرة، بفعل التساقط الكثيف للثلوج، خصوصا على مرتفعات جبل الشيخ، وتلال عقبة الفرس، وعيون جرنايا، وكانت المناطق الأقل ارتفاعا قد شهدت هطولا غزيرا للأمطار، تحولت معها الطرق والمنخفضات إلى مستنقعات وبرك مائية.
وتسببت غزارة الأمطار بجريان مياه السيول، التي جرفت معها تلال الأتربة والحصى وجدران الجلول، ورفعت من منسوب المياه الجارية في المجاري المائية وفي الأنهر الصغيرة، وفي المسيلات الطبيعية.
وفي عاصمة الجنوب صيدا («السفير») أدت العاصفة إلى ارتفاع أمواج البحر ما دفع الصيادين إلى رفع مراكبهم الى رصيف الميناء خشية غرقها. في المقابل انتقلت بعض السفن التجارية الراسية في الميناء إلى عرض البحر خشية تضررها، كون رصيف المرفأ غير مجهز لحمايتها.